مقالات

تغيير ما بالنفس بحاجة إلى التمرس بتجارب الأخرين

ارتحل الشيخ التجاني رضي الله عنه، وجاب الأمصار والتقى بالرجال وعانق المشاق للملاقاتهم وتفرسوا فيه الإقدام وكان مصرا على الإحجام، فلم يساعفهم في تبني منهج التغيير حتى غير ما بنفسه.

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله

فَأَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ: فَأَوَّلُ مَنْ لَقِيَهُ مِنَ السَّادَاتِ الأَعْلاَمِ زَمَنَ انْتِقَالِهِ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى فَاسٍ وَأَحْوَازِهَا، لَقِيَ الوَلِيَّ الكَبِيرَ، وَالقُطْبَ الشَّهِيرَ، الشَّرِيفَ الأَصِيلَ، الوَجِيهَ الأَثِيلَ، صَاحِبَ الكَرَامَاتِ الشَّهِيرَةِ، وَالمَزَايَا العِظَامِ الفَاخِرَةِ، مَوْلاَنَا الطَّيِّبَ بْنَ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ اليَمْلَحِي العَلَمِي، دَفِينَ وَزَّانٍ، مِنْ بِلاَدِ الهَبْطِ مِنْ مَصْمُودَةَ، حَيْثُ ضَرَائِحُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَخِيهِ مَوْلاَيَ التُّهَامِي، وَهُـوَ شَيْخُهُ رضي الله عنه وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، لَهُ صَيْتٌ عَالٍ كَبِيرٌ جِدّاً، تُشَدُّ لِزِيَارَتِهِ الرِّحَالُ، مِنَ الآفَاقِ البَعِيدَةِ مِنَ الرِّجَالِ، وَزَوَايَا كَثِيرَةٌ فِي مُدُنِ المَغْرِبِ وَمَا وَالاَهُ، وَبِالمَشْرِقِ وَمَا حَوَاهُ، فَشُهْرَتُهُ رضي الله عنه تُغْنِي عَنِ التَّعْرِيفِ بِهِ وَبِنَسَبِهِ وَبِطَرِيقَتِهِ رضي الله عنه ، تُوُفِّيَ رَحِمهُ اللهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ، أَوَاخِرَ رَبِيعِ الثَّانِيِّ، عَامَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَدُفِنَ بِبِلاَدِهِ وَزَّانَ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، أَخَذَ عَنْهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه ، وَأَذِنَ لَهُ فِي تَلْقِينِ وِرْدِهِ، فَامْتَنَعَ سَيِّدُنَا رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ، لاِشْتِغَالِهِ رضي الله عنه بِنَفْسِهِ، وَلِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِفْ مَنْزِلَتَهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ رضي الله عنه.
وَلَقِيَ الوَلِيَّ الصَّالِحَ وَالسَّعْيَ الرَّابِحَ، صَاحِبَ الكَشْفِ الصَّحِيحِ، وَالذَّوْقِ الصَّرِيحِ، سَيِّدِي مَحَمَّدٍ بْنِ الحَسَنِ الوَانْجَلِي، مِنْ بَنِي وَانْجَلٍ، مِنْ جِبَالِ الزَّبِيبِ، فَإِنَّهُ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رضي الله عنه ، قَالَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُ: إِنَّكَ تُدْرِكُ مَقَامَ الشَّاذِلِي، وَكَاشَفَهُ بِأُمُورٍ كَانَتْ بِبَاطِنِهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا سَيَكُونُ مِنْهُ، وَذَلِكَ عَنْ بُعْدٍ، وَقَدْ ظَهَرَ الآنَ مَا بَشَّرَهُ بِهِ، وَللهِ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ مِنَ الخَوَارِقِ وَالكَرَامَاتِ وَالبَوَارِقِ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه. تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ حُدُودَ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ.
وَلَقِيَ بِفَاسَ الوَلِيَّ الصَّالِحَ، نَجْلَ العَارِفِ الرَّابِحِ، سَيِّدِي عَبْدَ اللهِ بْنَ سَيِّدِي العَرْبِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحَمَّدٍ المَدْعُوِّ بِابْنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ أَوْلاَدِ مَعْنٍ الأَنْدَلُسِيِّ رَحِمَهُمْ اللهُ، لَقِيَهُ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ في أُمُورٍ، ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَهُ، دَعَا لَهُ بِخَيْرِ الدَّارَيْنِ، وَآخِرُ مَا افْتَرَقَا عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: اللهُ يَأْخُذُ بِيَدِكَ ثَلاَثاً. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَغَسَّلْتُهُ بِيَدَيَّ، وَكَفَّنْتُهُ وَجَهَّزْتُهُ رضي الله عنه ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ حَفِيلَةٌ حَضَرَهَا أَعْيَانُ فَاسَ مِنْ عُلَمَائِهَا وَفُقَرَائِهَا وَرُؤَسَائِهَا، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِقَبْرِهِ عِنْدَ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، خَارِجَ بَابِ الفُتُوحِ قُرْبَ قُبَّةِ القُطْبِ الشَّهِيرِ سَيِّدِي أَحْمَدَ اليَمَنِي رضي الله عنه.
ثُمَّ أَخَذَ طَرِيقَ الشَّيْخِ مَوْلاَنَا عَبْدِ القَادِرِ الجِيلاَنِي رضي الله عنه بِفَاسَ عَلَى يَدِ مَنْ كَانَ يُلَقِّنُ طَرِيقَتَهُ، وَمَنْ لَهُ الإِذْنُ فِيهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا بَعْدَ حِينٍ، ثُمَّ أَخَذَ الطَّرِيقَةَ النَّاصِرِيَّةَ عَلَى الوَلِيِّ الصَّالِحِ أَبِي عَبْدِ اللهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ التُّزَانِي، ثُمَّ تَرَكَهَا بَعْدَ حِينٍ، ثُمَّ أَخَذَ طَرِيقَ القُطْبِ الشَّهِيرِ العَالِمِ الكَبِيرِ أَبِي العَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الحَبِيبِ بْنِ مُحَمَّدٍ المُلَقَّبِ بِالغُمَارِي السِّجِلْمَاسِي الصِّدِّيقِي نَسَباً عَلَى بَعْضِ مَنْ لَهُ الإِذْنُ فِيهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ، ثُمَّ لَقِيَهُ فِي عَالَمِ النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَوَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَى لِسَانِ الشَّيْخِ رضي الله عنه ، وَلَقَّنَهُ إِسْماً فِي تِلْكَ الحَالَةِ، هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ سَيِّدِنَا رضي الله عنه ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مُدَّةً وَتَرَكَهُ. تُوُفِّيَ الشَّيْخُ المَذْكُورُ رَابِعَ المُحَرَّمِ، عَامَ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ.
ثُمَّ أَخَذَ عَنِ الوَلِيِّ الصَّالِحِ المَلاَمَتِيِّ أَبِي العَبَّاسِ، سَيِّدِي أَحْمَدَ الطَّوَّاشِ، نَزِيلِ تَازَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لَيْلَةَ ثَامِنَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى، عَامَ أَرْبَعَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ، وَلَقَّنَهُ إِسْماً وَقَالَ لَهُ إِلْزَمِ الخَلْوَةَ وَالوَحْدَةَ وَالذِّكْرَ، وَاصْبِرْ حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ تَنَالُ مَقَاماً عَظِيماً، فَلَمْ يُسَاعِدْهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه فَقَالَ الزَمْ هَذَا الذِّكْرَ، وَدُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلاَ وَحْدَةٍ، فَيَفْتَحُ اللهُ عَلَيْكَ عَلَى تِلْكَ الحَالَةِ، فَذَكَرَهُ سَيِّدُنَا مُدَّةً، وَتَرَكَهُ. وَوَقَعَ لَنَا مَعَهُ رضي الله عنه كَرَامَاتٌ عَدِيدَةٌ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ مَا يُنْبِئُ عَلَى تَصْرِيفِهِ فِي تِلْكَ البَلْدَةِ، وَأَخْبَرَنِي بِمَا يَصِلُهُ الشَّيْخُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه مِنَ المَقَامَاتِ، حَتَّى رَأَيْنَاهَا، وَالحَمْدُ للهِ وَلَهُ المِنَّةُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ مِنَ المَغْرِبِ إِلَى نَاحِيَةِ الصَّحْرَاءِ، قَاصِداً زَاوِيَةَ الشَّيْخِ سَيِّدِي عَبْدِ القَادِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِالأَبْيَضِ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى تِلِمْسَانَ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْضاً، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ تِلِمْسَانَ قَاصِداً الحَجَّ لِبَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، وَزِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَلَدِ ازْوَاوَى بِقُرْبِ الجَزَائِرِ، سَمِعَ بِالشَّيْخِ الإِمَامِ، وَالعَارِفِ الهُمَامِ، قُدْوَةِ المُتَّقِينَ، وَعُمْدَةِ المُحَقِّقِينَ، أَبِي عَبْدِ اللهِ سَيِّدِي مَحَمَّدٍ -بِالفَتْحِ- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَزْهَرِيِّ، لَقِيَهُ وَأَخَذَ عَنْهُ الطَّرِيقَةَ [الخَلْوَتِيَّةَ] ، وَكَانَ لِهَذَا الشَّيْخِ رضي الله عنه صِيتٌ كَبِيرٌ، وَأَتْبَاعٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ زَوَايَا كَبِيرَةٌ. تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ فَاتِحَ المُحَرَّمِ، عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ.
فَلَمَّا دَخَلَ تُونُسَ عَامَ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، لَقِيَ بَعْضَ الأَوْلِيَاءِ بِهَا، مِنْهُمْ الوَلِيُّ الشَّهِيرُ، صَاحِبُ القَدْرِ الكَبِيرِ، سَيِّدِي عَبْدُ الصَّمَدِ الرَّحَوِي، وَكَانَ تَحْتَ وِلاَيَةِ غَيْرِهِ، وَهُوَ قُطْبُ تِلْكَ البَلْدَةِ، وَكَانَ فِي صُحْبَتِهِ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ، وَلَمْ يُلاَقُونَهُ إِلاَّ لَيْلاً، لِسِتْرِهِ عَلَى حَالِهِ فِي لَيْلَةِ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الإِثْنَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: طَلَبْتُ مِنْ سَيِّدِي عَبْدِ الصَّمَدِ مُلاَقَاةَ هَذَا السَّيِّدِ رضي الله عنه ، فَامْتَنَعَ مُتَعَلِّلاً بِعَدَمِ مُلاَقَاةِ أَحَدٍ أَصْلاً، فَبَعَثَ لَهُ مَحْبُوباً مَعَ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الوَلِيُّ: المَحْبُوبُ بَعَثَ مَحْبُوباً. فَأَقَامَ سَنَةً كَامِلَةً، بَعْضُهَا بِتُونُسَ، وَبَعْضُهَا بِمَدِينَةِ سُوسَةَ، فَدَرَّسَ بِتُونُسَ كِتَابَ الحِكَمِ وَغَيْرَهَا، فَأَرْسَلَ لَهُ أَمِيرُ البَلَدِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ بِتُونُسَ لِقِرَاءَةِ العِلْمِ وَتَدْرِيسِهِ، وَالقِيَامِ بِأَمْرِ الدِّينَ وَتَدْرِيسِهِ، وَنَفَّذَ لَهُ دَاراً وَمَسْجِدَ الزَّيْتُونَةِ لِلْقِرَاءَةِ، وَعَيَّنَ لَهُ مُرَتَّباً عَظِيماً، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ الأَمِيرِ مَسَكَهُ وَسَكَتَ، وَمِنَ الغَدِ تَهَيَّأَ لِلسَّفَرِ فِي البَحْرِ لِمِصْرَ القَاهِرَةَ قَاصِداً الحَجَّ، وَعَازِماً عَلَى الأَخْذِ عَنِ الشَّيْخِ مَحْمُودٍ الكُرْدِي، وَاسْتِسْلاَمِ القِيَادِ لَهُ وَالسُّلُوكِ بِطَرِيقَتِهِ وَالسَّيْرِ بِسِيرَتِهِ لِرُؤْيَةٍ رَآهَا هُنَالِكَ. فَبَعَثَ لِذَلِكَ الوَلِيِّ خَدِيمَهُ، سَيِّدِي عَبْدَ الصَّمَدِ، وَقَالَ قُلْ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ السَّفَرَ فِي البَحْرِ لِمِصْرَ القَاهِرَةِ، وَاطْلُبْ مِنْهُ الضَّمَانَ فِي البَحْرِ مِنْ كُلِّ مَا يُرَوِّعُ البَالَ، وَمَا يُشَوِّشُ الحَالَ، فَسَاعَفَهُ عَلَى مَطْلُوبِهِ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ أَنْتَ مَضْمُونٌ ذَهَاباً وَإِيَاباً، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَكِبَ فِي البَحْرِ مُتَوَجِّهاً لِمِصْرَ، فَحَفِظَهُ اللهُ إِلَى أَنْ بَلَغَ بِالسَّلاَمَةِ وَالعَافِيَةِ لِمِصْرَ القَاهِرَةِ، فَسَأَلَ عَنِ الشَّيْخِ الهُمَامِ، العَالِمِ الإِمَامِ، المُشَارِكِ النَّبِيلِ، المُحَدِّثِ الصُّوفِيِّ الجَلِيلِ، ذِي الفِكْرِ الصَّائِبِ، وَالذِّهْنِ الثَّاقِبِ، الفَاضِلِ المُنِيفِ، الأَعْرَفِ الزَّاهِدِ العَفِيفِ، حُجَّةِ الإِسْلاَمِ، وَقُدْوَةِ الأَنَامِ، العَارِفِ الكَبِيرِ، الوَلِيِّ الشَّهِيرِ، طَوْدِ المَعْرِفَةِ الشَّامِخِ، المُتَمَكِّنِ الرَّاسِخِ، الكَامِلِ العِرْفَانِ وَالاِتِّبَاعِ، المُوصِّلِ المُرَبِّي النَّفَّاعِ، أَبُو الفَضَائِلِ سَيِّدِي مَحْمُودٍ الكُرْدِي المِصْرِي دَاراً وَقَرَاراً، العِرَاقِي أَصْلاً وَمَنْشَأً رضي الله عنه ، وَأَفَاضَ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ آمِينَ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رضي الله عنه ، أَوَّلَ مُلاَقَاتِهِ قَالَ لَهُ: أَنْتَ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ لَهُ: مِنَ اللهِ، فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه: رَأَيْتُكَ وأَنْتَ بِتُونُسَ، فَقُلْتُ لَكَ: إِنِّي نُحَاسٌ كُلُّ ذَاتِي، قُلْتَ لِي: هُوَ كَذَلِكَ، وَأَنَا أُقَلِّبُ نُحَاسَكَ ذَهَباً، فَلَمَّا قَصَّهَا عَلَيْهِ قَالَ لَهُ رضي الله عنه: هُوَ كَمَا رَأَيْتَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ: مَا مَطْلَبُكَ؟ قَالَ لَهُ: مَطْلَبِي القُطْبَانِيَةُ العُظْمَى، قَالَ لَهُ: لَكَ أَكْثَرُ مِنْهَا، قَالَ لَهُ: عَلَيْك، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَهُ رضي الله عنه عَنْ نَفْسِهِ، وَمَا وَقَعَ لَهُ فِي سِيَاحَتِهِ، وَسَبَبِ مُلاَقَاتِهِ مَعَ شَيْخِهِ الحِفْنِي، وَشَيْخِ شَيْخِهِ، الشَّيْخِ مَوْلاَنَا مُصْطَفَى البَكْرِي الصِّدِّيقِي رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.
فَتَهَيَّأَ سَيِّدُنَا رضي الله عنه لِلسَّفَرِ لِبَيْتِ اللهِ الحَرَامِ فِي البَحْرِ فَوَاعَدَهُ الشَّيْخُ، وَدَعَا لَهُ وَضَمِنَهُ فِي سَفَرِهِ فِي الذَّهَابِ وَالإِيَابِ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَّةَ المُشَرَّفَةَ، زَادَهَا اللهُ عُلُوّاً وَرِفْعَةً، وَشَرَفاً وَمَكَانَةً، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ، -بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى البَاءِ- وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، فَبَحَثَ هُنَالِكَ عَنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالصَّلاَحِ، وَالرُّشْدِ وَالفَلاَحِ، كَمَا هِيَ عَادَتُهُ رضي الله عنه ، لِيُحَصِّلَ كَمَالَ الطَّلَبِ وَالنَّجَاحِ، فَسَمِعَ بِالشَّيْخِ الإِمَامِ، الحَبْرِ الهُمَامِ، بَدْرِ التَّمَامِ، وَمِسْكِ الخِتَامِ، وَشَمْسِ الأَنَامِ، وَقَمَرِ دَائِرَةِ الأَعْلاَمِ، أَبُو العَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الهِنْدِي، قَاطِنِ مَكَّةَ المُشَرَّفَةِ رضي الله عنه ، أَخَذَ عَنْهُ رضي الله عنه عُلُوماً وَأَسْرَاراً وَحِكَماً وَأَنْوَاراً مِنْ غَيْرِ مُلاَقَاةٍ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ يُرَاسِلُهُ مَعَ خَادِمِهِ، وَهُوَ الوَاسِطَةُ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِذْنٌ فِي مُلاَقَاةِ أَحَدٍ أَصْلاً بَعْدَ طَلَبِ سَيِّدِنَا لَهُ بِمُلاَقَاتِهِ، فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ لاَ إِذْنَ لَهُ فِي مُلاَقَاةِ أَحَدٍ أَصْلاً، وَانْتَفَعَ سَيِّدُنَا عَلَى يَدَيْهِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَارِثُ عُلُومِي وَأَسْرَارِي وَمَوَاهِبِي وَأَنْوَارِي، فَلَمَّا كَتَبَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لِخَادِمِهِ: هَذَا الذِي كُنْتُ أَتَرَجَّاهُ، قُلْ لَهُ هُوَ وَارِثِي، فَقَالَ لَهُ خَادِمُهُ: هَذِهِ مُدَّةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَاماً وَأَنَا أَخْدِمُكَ، وَالآنَ أَتَى رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ المَغْرِبِ، تَقُولُ لِي هُوَ وَارِثِي، فَقَالَ لَهُ: لاَ أَتَرَجَّى إِلاَّ هُوَ، وَهَذَا لَيْسَ لأَِحَدٍ فِيهِ اخْتِيَارٌ، يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، لَوْ كَانَ اِخْتِيَارٌ لِي لَنَفَعْتُ بِذَلِكَ وَلَدِي بِهِ قَبْلَكَ، مُنْذُ زَمَانٍ وَأَنَا أَتَرَجَّى وَأَتَرَقَّبُ لَهُ فِي الغَيْبِ نَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ، لَمْ يُرِدِ اللهُ بِهِ، حَتَّى أَتَى صَاحِبُهُ.
فَكَتَبَ لِسَيِّدِنَا حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: بِحَقِّي عَلَيْكَ إِلاَّ مَا فَعَلْتَ مَعَ وَلَدِي خَيْراً، وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ يَمُوتُ فِي عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ اللهِ ذِي الحِجَّةِ الحَرَامِ، فَكَانَ كَمَا قَالَ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ، دَعَا وَلَدَهُ شَيْخُنَا، وَدَخَلَ مَعَهُ لِلْبَيْتِ، وَمَكَّنَهُ مِنَ السِّرِّ حِفْظاً لأَمَانَةِ الشَّيْخِ وَلِلْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، وَكَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ رضي الله عنه ، أَعْطَى لِسَيِّدِنَا سِرّاً كَبِيراً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، لَكِنْ يَعْتَزِلُ النَّاسَ وَلاَ يَرَاهُ أَحَدٌ قَطُّ بَعْدَ هَذَا العَمَلِ، فَلَمْ يَفْعَلْ سَيِّدُنَا رضي الله عنه لِهَذَا الشَّرْطِ المَذْكُورِ، وَحِينَ دَنَا الرَّحِيلُ لِعَرَفَةَ، قَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رضي الله عنه فِي رِسَالَتِهِ طَالِباً مِنْهُ المُلاَقَاةَ، لأَنَّ أَوَانَ الفِرَاقِ قَدْ دَنَا، لِيَنْظُرَ طَلْعَتَهُ البَهِيَّةَ وَمَا وَنَا، فَقَالَ لَهُ: لاَ إِذْنَ لِي فِي المُلاَقَاةِ، وَلَكِنْ تَلْتَقِي بِالقُطْبِ بَعْدِي، يَكْفِيكَ عَنِّي، يُشِيرُ لَهُ إِلَى مُلاَقَاتِهِ بِالشَّيْخِ السَّمَّانِ، وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لاَبُدَّ لَهُ مِنْ بُلُوغِ مَقَامِ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ رضي الله عنه ، كَمَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ سَيِّدِي مَحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَأَخْبَرَهُ بِأُمُورٍ عَدِيدَةٍ، وَهُوَ المُعْتَمَدُ عِنْدَ سَيِّدِنَا فِي العُلُومِ وَالأَسْرَارِ وَالخَوَاصِّ وَالأَنْوَارِ، تُوُفِّيَ رضي الله عنه عَامَ سَبْعَةٍ -بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى البَاءِ- وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ.
وَلَمَّا قَضَى نُسُكَهُ، وَكَمَّلَ حَجَّهُ المَبْرُورَ، وَسَعْيَهُ المَشْكُورَ، ارْتَحَلَ لِلْمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ لِزِيَارَةِ النَّبِيِّ المَبْرُورِ، فَلَمَّا بَلَغَ لِمَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وعلى آله وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَمَجَّدَ وَعَظَّمَ، تَوَجَّهَ لِزِيَارَةِ القَبْرِ الشَّرِيفِ، وَمَا أَوْدَعَ اللهُ فِيهِ مِنَ السِّرِّ المُنِيفِ، فَدَخَلَ بِهَيْبَةٍ وَوَقَارٍ وَإِعْظَامٍ وَإِكْبَارٍ، فَأَعْطَى لِلْمَقَامِ مَا يُنَاسِبُ قَدْرَهُ العَظِيمَ، مِنَ الآدَابِ وَالإِجْلاَلِ وَالتَّذَلُّلِ وَالخُضُوعِ العَمِيمِ، فَلَمَّا قَضَى زِيَارَتَهُ، وَكَمَّلَ اللهُ رَغْبَتَهُ وَأُمْنِيَتَهُ، الْتَفَتَ [إِلَى مُلاَقَاتِ] القُطْبِ الشَّهِيرِ، وَالعَالِمِ الكَبِيرِ، صَاحِبِ الكَرَامَاتِ البَاهِرَةِ، وَالإِشَارَاتِ الفَاخِرَةِ، أَبِي عَبْدِ اللهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الكَرِيمِ الشَّهِيرِ بِالسَّمَّانِ رضي الله عنه ، فَلَمَّا لاَقَاهُ أَخْبَرَهُ بِحَالِهِ وَمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ فِي عَاقِبَةِ مَآلِهِ، فَطَلَبَ مِنْهُ الشَّيْخُ المَذْكُورُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ سَيِّدُنَا، ويُدْخِلَهُ الخَلْوَةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَيُصْبِغَهُ صِبْغَةً تَامَّةً، فَتَعَلَّلَ لَهُ سَيِّدُنَا بِعَدَمِ الإِقَامَةِ لِعُذْرٍ قَامَ بِهِ، فَأَذِنَهُ الشَّيْخُ المَذْكُورُ بَعْدَ طَلَبِ سَيِّدِنَا لَهُ فِي جَمِيعِ الأَسْمَاءِ وَالمُسَمَّيَاتِ، وَأَخْبَرَهُ رضي الله عنه ، بِأَنَّهُ هُوَ القُطْبُ الجَامِعُ، وَقَالَ لِسَيِّدِنَا: اطْلُبْ مَا شِئْتَ، فَطَلَبَ مِنْهُ سَيِّدُنَا أُمُوراً، فَسَاعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ رَجَعَ لِمِصْرَ القَاهِرَةِ مَعَ رَكْبِ الحَجِيجِ بِالسَّلاَمَةِ وَالعَافِيَةِ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا مَحْفُوفاً بِالكَرَامَةِ وَالعِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، فَذَهَبَ لِزِيَارَةِ شَيْخِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ قُدُومِهِ مِنْ حَجِّهِ وَزِيَارَتِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالتَّرَدُّدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَيْهِ، فَكَانَ رضي الله عنه يُلْقِي الأُمُورَ المُشْكِلَةَ عَلَى سَيِّدِنَا، وَيَطْلُبُ مِنْهُ حَلَّ إِشْكَالِهَا مِنْ عُلُومِ سَيِّدِنَا، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَتْ عُلُومُ سَيِّدِنَا الغَزِيرَةُ، وَأَحْدَقَتْ بِهِ عُلَمَاءُ مِصْرٍ لإِفَادَتِهِمْ مِنْ عُلُومِهِ العَزِيزَةِ، ثُمَّ عِنْدَ انْتِقَالِهِ لِلْمَغْرِبِ أَذِنَ لَهُ شَيْخُهُ الشَّيْخُ مَحْمُودُ المَذْكُورُ فِي طَرِيقَتِهِ الخَلُّوتِيَّةِ وَالتَّرْبِيَةِ بِهَا، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لَقِّنِ النَّاسَ وَالضَّمَانُ عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَكَتَبَ لَهُ الإِجَازَةَ وَسَنَدَ الطَّرِيقِ… فَلَّمَا وَدَّعَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى نَاحِيَةِ تُونُسَ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا بِالسَّلاَمَةِ وَالعَافِيَةِ، فَانْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى تِلِمْسَانَ، وَأَقَامَ بِهَا مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ وَالدَّلاَلَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى مَدِينَةِ فَاسَ، بِقَصْدِ زِيَارَةِ مَوْلاَنَا إِدْرِيسَ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَفِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ المُبَارَكَةِ، لاَقَيْتُهُ رضي الله عنه بِمَدِينَةِ وَجْدَةَ، قَافِلاً لِفَاسَ، فَقَفَلْتُ مَعَهُ، وَتَعَرَّفَ لِي، وَقَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ قَبْلَ هَذَا الوَقْتِ بِعَامَيْنِ رُؤْيَا تَدُلُّ عَلَى صُحْبَتِهِ وَالأَخْذِ عَنْهُ، فَبَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ تَعَرَّفَ لِي، وَذَكَرَ لِي الرُّؤْيَةَ بِعَيْنِهَا، وَقَدْ كُنْتُ نَسِيتُهَا، وَقَالَ لِي: أَمَا تَخَافُ مِنَ اللهِ تُتْعِبُنِي مِنْ مَكَانِي إِلَيْكَ؟ فَلاَ حَاجَةَ لِي إِلاَّ مُلاَقَاتُكَ، فَاحْمَدِ اللهَ عَلَى ذَلِكَ، فَحَمِدْتُ اللهَ وَشَكَرْتُهُ، وَعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ تَفَضَّلَ عَلَيَّ، وَأَنَّهُ هُوَ الكَفِيلُ لِي وَالمُتَوَلِّي أُمُورِي بِتَصْرِيحٍ مِنْهُ رضي الله عنه ، فَأَخْبَرَنِي بِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنَ الفَتْحِ وَالتَّمْكِينِ، فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى فَاسَ، أَقَامَ بِهَا مُدَّةً بِقَصْدِ زِيَارَةِ مَوْلاَنَا إِدْرِيسَ، فَلَقَّنَنِي الطَّرِيقَةَ الخَلْوَتِيَّةَ، وَأَسْرَاراً وَعُلُوماً، وَرَجَعَ إِلَى تِلِمْسَانَ، وَأَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ تِلِمْسَانَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، لأَنَّ حَالَهُ لَمْ يَسْتَقِمْ بِهَا، وَضَاقَتْ نَفْسُهُ، فَوَدَّعْتُهُ، وَقَالَ لِي: اِلْزَمِ العَهْدَ وَالمَحَبَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ الفَتْحُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى تِلِمْسَانَ، أَقَامَ بِهَا مُدَّةً وَارْتَحَلَ إِلَى نَاحِيَةِ الصَّحْرَاءِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَنَزَلَ بِقَرْيَةِ القُطْبِ الكَبِيرِ، سَيِّدِي أَبِي سَمْغُونَ.
ثُمَّ سَافَرَ مِنْهَا إِلَى بِلاَدِ تُوَاتْ بِقَصْدِ الزِّيَارَةِ، فَلَقِيَ بَعْضَ الأَوْلِيَاءِ بِهَا، وَأَخَذَ عَنْهُمْ بَعْضَ الأُمُورِ الخَاصَّةِ، وَاسْتَفَادُوا مِنْهُ عُلُوماً وَأَسْرَاراً فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَرْيَةِ أَبِي سَمْغُونَ، وَأَقَامَ بِهَا وَاسْتَوْطَنَ، وَفِيهَا وَقَعَ لَهُ الفَتْحُ، وَأَذِنَ لَهُ صلى الله عليه وعلى آله فِي تَلْقِينِ الخَلْقِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فَارّاً مِنْ مُلاَقَاةِ الخَلْقِ لاعْتِنَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَعَدَمِ ادِّعَاءِ المَشْيَخَةِ إِلَى أَنْ وَقَعَ لَهُ الإِذْنُ مِنْهُ يَقَظَةً لاَ مَنَاماً بِتَرْبِيَةِ الخَلْقِ عَلَى العُمُومِ وَالإِطْلاَقِ.
جواهر المعاني وبلوغ الأماني
لسيدي علي حرازم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى