الخطب

آثار العلم بأن الله عالم الغيب و الشهادة على الإيمان و السلوك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 *( خطبة الجمعة في موضوع  )*:

[آثار العلم بأن الله عالم الغيب و الشهادة على الإيمان و السلوك]

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الحمد لله السميع العليم  * و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد المصطفى النبي الكريم”* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،  * ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله  فصلى الله عليه     و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته  و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين .

* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك  منهاجا قويما و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى  و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه  و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .

عباد الله :   ألا فاعلموا أن الله قد أحاط  علما  بكل  الغيوب ، و أنه هو الشاهد على عالم الشهادة كله، ألم يقل سبحانه عن نفسه في سورة الرعد:{ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالٍ } [الرعد:9], ألم يحذرنا من اطلاعه على كل شيء لنخشاه و نستحيي منه فقال – جل علاه -:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سورة التوبة:78].

و لعل البعض يتساءل ما المراد بالغيب وز الشهادة؟(فالغيب: ما غاب عن علم الناس عن حواسهم و عن عقولهم ، والشهادة: ما شهدوه وأبصروه وعاينوه، فعلمُ الله – سبحانه وتعالى- تام، وكامل، ومحيط بكل شيء، لم يسبقه جهل، ولا يلحقه نسيان{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } [مريم”>سورة مريم:64]، { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [سورة الجن:28]، يقول الله – سبحانه-:{إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } [سورة طه:98]، ويقول :{قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [سورة الفرقان:6].

نعم أيها المؤمنون أحاط علمه سبحانه بالكليات و الجزءيات :بالحبة في ظلمات الأرض، وبالورقة الساقطة فيها، وبالرطب واليابس ومثل ذلك، وأعظمُ منه علمُه بمكاييل البحار وعدد قطر الأمطار، وما في البر من مثاقيل الجبال وعدد حبات الرمال، كل ذلك أحاط به الله جل جلاله، وتباركت أسماؤه إحاطة كاملة ألم يخبرنا عن ذلك إذ قال سبحانه { لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سورة سبأ:3]. أحصاه الله وكتبه في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى. يقول – تعالى-:{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سورةالأنعام:59].

هذا وقد نالت صفة العلم في آيات القرآن مكانة خاصة، لأنها مرتبطة ارتباطاً شديداً بمسؤولية الإنسان، ووقوفه أمام الله – جل وعلا- وما ينبني عليها من الإحساس بمراقبة الله على أعمال الإنسان الظاهرة والباطنة، ولذلك نجد الإشارة إليها تتخلل آيات القرآن من أوله إلى آخره، مع التركيز على علم الله بأفعال العباد، حسنها وسيئها، لكي يظل إيمان الإنسان بها قائماً في أعماق النفس، وباعثاً له على تجويد العمل، والإحسان في القصد، ثم يربط بين الاعتقاد بهذه الصفة وبين السلوك البشري الصحيح، يقول – سبحانه وتعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [سورة البقرة:235]، ويسوق القرآن الحديث عن العلم الإلهي المحيط مشفوعاً بما يترتب عليه من إحصاءٍ للأعمال، ومن محاسبة عليها، ومن مجازاة بالنعيم أوالجحيم قال عز وجل{وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ} [سورة البقرة: 284]، {قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّـهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [سورة آل عمران:29 و 30].

أيها المؤمنون تأتي الآيات الكثيرة في كتاب الله، لتذكر بأن ّالله عالم بالعباد، وآجالهم، وأرزاقهم، وأحوالهم، وشقائهم، وسعادتهم، ومن يكون منهم من أهل الجنة، ومن يكون منهم من أهل النار، قبل أن يخلقهم ويخلق السموات والأرض، فهو – سبحانه وتعالى- عليمُ بما كان وما هو كائن وما سيكونُ، لم يَزَل عالِما ولا يَزال عالما بما كان وما يكون، ولا تخفى عليه خافية في الأَرض ولا في السماء، أَحاط عِلمُه بجميع الأَشياء باطِنِها وظاهرها، دقِيقها وجليلها [1]. هذا وقد اشتملت الآيات على مراتب العلم الإلهي، وهو أنواع: أولهـا: علمه بالشيء قبل كونه، وهو سر الله في خلقه، اختص الله به عن عباده. وهذه المرتبة من العلم هي علم التقدير ومفتاح ما سيصير، ومن هم أهل الجنة ومن هم أهل السعير؟ فكل أمور الغيب قدرها الله في الأزل، ومفتاحها عنده وحده ولم يزل، كما قال – تعالى-: {إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان:34]، وقال – سبحانه-:{ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [النمل:65].

ثانيـها: علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته. فالله – عز وجل- كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة، والمخلوقات في اللوح قبل إنشائها كلمات، وتنفيذُ ما في اللوح من أحكام تضمنتها الكلمات مرهون بمشيئة الله في تحديد الأوقات التي تناسب أنواع الابتلاء في خلقه، وكل ذلك عن علمه بما في اللوح من حساب وتقدير، وكيف ومتى يتم الإبداع والتصوير؟ كما قال – تعالى -:{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ} [الحج:70]، وقال أيضا:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا}[الحديد:22].

ثالثـها: علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه، كما قال :{اللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ . عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:9،8]، وقال – تعالى -: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ } [سبأ:2].

رابعـها: علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه، وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه. فالله – عز وجل- بعد أن ذكر مراتب العلم السابقة في قوله – تعالى-:{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام:59]، ذكر بعدها المرتبة الأخيرة فقال:{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الأنعام:60]، وقال أيضا:{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ۖ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } [قّ:4]، وقال:{ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } [التوبة: 78][2].

بعد هذا البيان و التقسيم  للعلم الالهي و مراتبه هل تتساءلون معاشر المؤمنين عن الآثـار الإيمانيــة لذلك؟

ألا فاعلموا أن من الآثــار: – أن يجب أن تتيقن أيها المؤمن دائماً أن الله عليم بما تصنعه بجوارحك، وما تعزم عليه في قرارة نفسك، علماً يجعلك دائماً نزَّاعاً للطاعات، مسارعاً إلى الخيرات، مجانباً للسيئات، مراقباً  و محاسبا لنفسك بنفسك، وحذراً من نفسك على نفسك، فتحقق المراقبة لله – سبحانه وتعالى- وبدوام ذلك والمجاهدة عليه تترقى  أيها المؤمن من درجة الإيمان إلى مرتبة الإحسان، وهي :« أن تعبد الله كأنك تراه» رواه (البخاري)   و(مسلم)  من حديث (أبي هريرة) – رضي الله عنه . وفي لفظ (لمسلم) :«أن تخشى الله كأنك تراه » رواه (مسلم) ، من حديث (أبي هريرة) – رضي الله عنه- لأن هناك علاقة قوية يبرزها القرآن بين الإيمان بعلم الله، وبين الامتناع عن الإثم والفسوق والعصيان، وبين المسارعة في أعمال البر والطاعة، قال الله – سبحانه-:{ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا . يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّـهِ وَهُوَ مَعَهُمُ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء:107-108]. فالغفلة عن هذا المعنى و العياذ بالله تعالى تجعل الإنسان يقتحم بحر الذنوب العميق، ويخوض غماره خوضَ الجسور لا خوضَ الجبان الحذور، وتجعله يتوغل في كل مُظلمة، ويتهجم على كل مشأمة، لكن إذا بلغ علمه اليقين الجازم أن الله يطّلع على خفايا الإنسان، ويحاسبه عليها، ويجازيه حتى على نياته، ويراقبه حتى على خلجاته؛ وَرِث الهيبة من قربان حدودها، فبقدر قوة إيمان الإنسان بسعة علم الله تزداد خشيته، ويعظم ورعه، ويحسن عمله، وترتدع نفسه، وبقدر ضعف إيمانه وجهله بذلك يكثر زلـلـه، ويتوالى انحرافه، والله المستعان. ونفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة  عما يصفون،…

الخطبة الثانية

* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة  والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :

 أيها المومنون   أيها المؤمنون- إنّ يقين المؤمنِ بأن الله يعلم أحواله، سرها وعلنها، يحمله على التهيب من الإقدام والجرأة على حدود الله، واقتحام حرماته حياء منه – سبحانه- فالزوج الذي يتذكر هذه الرقابة الدائمة لا يخون الله ولا يخون زوجته، والمرأة المراقبة لله لا تضيع أمانة زوجها وشرفه، والأجير لا يسرق من مال صاحبه، لأن الجميع يعلمون أن الله يعلم ما في أنفسهم فيحذروه.

فَـلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُـم***ْلِيَخْفَـى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَـمِ

يُؤَخَّـرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَـر***ْلِيَـوْمِ الحِسَـابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَـمِ

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَـةٍ***وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ

(شرح ديوان زهير بن أبي سلمى ص25) **

ومن الآثــار: الاعتقاد بأن الله – عز وجل- عَلِمَ في الأزل جميع ما هو خالق، وعلم جميع أحوال خلقه، وأرزاقهم، وآجالهم، وأعمالهم، وشقاوتهم وسعادتهم، وعلم عدد أنفاسهم ولحظاتهم، وجميع حركاتهم وسكناتهم: أين تقع؟ ومتى تقع؟ وكيف تقع؟ كل ذلك بعلمه، وبمرأى منه و مسمع، لا تخفى عليه منهم خافية، سواءٌ في علمه الغيبُ والشهادةُ، و السرُ والجهرُ، والجليلُ والحقيرُ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات و لا في الأرض، و لا في الدنيا و لا في الآخرة. {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } [آل عمران:5] { يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:8].

فهذا الاعتقاد يورث المؤمن تعظيم الله والرضا عنه والتسليم لمقاديره حلوها ومرها. – إن الإيمان بعلم الله يجعل الإنسان يعتدل في حياته فلا تبطره النعمة ولا تقنطه المصيبة لعلمه أن الجميع من عند الله، وأن ذلك بعلم الله ومشيئته.
واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق  و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره  و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين. و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة  والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم،  و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم .)

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :

” ذ. سعيد منقار بنيس”

الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

أستاذ العلوم الشرعية

بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد 

  البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى